NewsToday

العزاء في الكتابة | يزيد . نت

العزاء في الكتابة

لم يعد يختلف السفر أو العودة !
طالما ان الابواب ستظل مقفلة و الخمول بكافة اصعدته استولى على ارواح سكان الكوكب .
خمول ذهني و عاطفي و انساني ، يظهر في بطئ ردود الافعال اتجاه اشياء كثيرة كانت تعني لنا و تشكل بيئتنا المحيطة و تمنح الارض التي نحيا بها الحياة.
هي الغربة التي تسللت و عاشت و تمكنت كعدو محتل متبجح استولى بخبث و دهاء على قرية آمنة و عبث فيها.
اشغل سكانها عن الزرع و العمل و البناء، ابقى ابنائهم في سجون منزلية بعيدا عن المناخات التعليمية بكل ما بها من تطوير للشخصية و التعبير و معرفة الايثار و روح الجماعة و كيف ان الفرد يجب ان يتنازل احيانا لاجل الاغلبية.
هو القمع باقصي صوره حين يأتي مرتديا ثوب “حرص” جديد !
هو الحصاد المر بعد اكثر من عامين ، شهور لم تخلو من مواقف هزت علاقات، و ايام اربكت افراد ، و موت مباغت داهم الحياة.
هو الحزن اليومي و الحنين لما فات، هو التجاهل و محاولات التخطي باقدام مبتورة و حدود ضيقة و ضحكات هستيريه تنقصها السعادة و الراحة و كافة المقومات.
هي محاولة العيش في لحظات الغرق، هو غروب طال و سنوات من “غسق” .
هو ان تاتي بجسدك لوطنك و لا تشعر بالوصول ، هو ان تتحدث طويلا و لا تعني ما تقول، هو ان تصبح قطعة من الاسفنج تمتص الاخبار و مخاوف الاخرين و توقعاتهم المخيفة ، ان تتحول الى ردار حديدي بارد يتلقي السلبيات المتطايره التي تتجمع على معدنه و تعكر سطحه ببرودة تدهشه و لكنها تؤثر فيه، هو ان تعبر في صالة البيت كشبح ، تتبادل التحية مع الاخرين، و يظل بداخل كل منكم شعور مبهم و حديث يخفيه.
هي الجسور الممتده بين ارواحنا حين تتدمر بصمت ، علاقات كانت “متينة” بتنا نرقب انهيارها كمجتمع اصم ، ابكم ، يرى كافة التفاصيل لكنه لا يسمع و لا يود الحديث.
هي المجرة تفتح كافة الطرق و عوضا عن ان نحلق او نختار ، نضيع و نتوه كمركبة فضائية تتحرك دونما بوصلة او اتجاه.
في داخلها و خلف نوافذها المغلقة نستمع للاغاني و نصفق و نرقص دونما احساس بالرتم او بالايقاع و دون ان نفكر بالقادم او الى اين سنمضي و ما هو المصير !؟
نقرأ و نهرب للكتب و تذوي الشخصيات امامنا في الرواية و كاتبها يحاول ان يبنيها، مخيلتنا لم تعد حية و احساسنا تبلد او تأثر او تغير !! ؟
لا اجابات نملكها رغم طول المسافة و الاسئلة الكثيرة، نكرر اخطائنا بدء من كبائر شتى، حتى حمية صحية نكسرها و نحن نردد لانفسنا ” انها المرة الاخيرة” .
متعبين دونما حركة حقيقية ، متعبين لان النباتات الصيفية لا تحيا دونما شمس و لا تنمو خلف الشرفات الزجاجية و الستائر الثقيلة و تخنقها رائحة المواد المطهرة اليومية.
كل ما تراه من صاحب الدار عيون خلف كمامة و قفاز، و حتى حين ازالها بات وجهه مختلفا عن الوجه الذي عرفت ذات نهار ، بدا خاليا من اللهفة و الحماسة و الانبهار.
التواصل اصبح لا مع بشر بل مع سطور تأتي عبر ” التطبيقات” التي يحملها هاتف كل منا و يقرأها و ربما يتجاوزها و يرسل صورة باسمة او قلب ملون لا ينبض و لا يشعر بشئ.
جفاف بعيد المدى و الارض باسرها باتت جدباء، و العالم امام اعيننا يتغير و به ندرك باننا لم نعد “رقم مؤثر” بل مجرد “اشياء” يتم تحريكها و تحمل ارقام و اسماء.
“قطيع” يتحرك كيفما كتب له، يرفض التطعيم ثم يرضخ له ، يمد ذراعه كغريق يبحث عن النجاة ، ذبذبات عقله مع الوقت يتعلم كيف يقلل من حدة صوتها بداخل اعماقه، و يجمع اشلائه، و يحاول ان يعيش وفق الانظمة العالمية الجديدة، كزهرة تدخل تجربة ، تنزع من غصنها ، و تزرع في اصيص منسي و تغطي بكيس بلاستيكي ، و تبقى تحته شبه مختنقه ترقب العالم المحتضر حولها وحيده.
في لحظات كهذه ستدرك بان المخرج الوحيد هو الاستسلام المؤقت و تدعو الله، و تنتظر بغضب هادئ و صمت عاقل عجائب قدرته و حلوله، و تبقى حذره في كل ما تفعله و تقوله.
زهرة لم تعد تسن اشواكها لاتكالها على من هو اعظم و اكبر من الكون بكل ما فيه، في كل مساء تبث له حزنها و تدعيه ” اللهم ارح الامة و ازل هذه الغمة” .

~ بواسطة يزيد في فبراير 21, 2022.

Source link

Related Articles

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

Back to top button